فالتمست للانسان مثلا!!!!
الخميس أكتوبر 29, 2009 7:38 pm
عندما فكرت في الدنيا وما فيها، وإن الانسان اشرف الخلق وافضله ثم هو لا يتقلب إلا في الشرور والهموم، عرفت انه ليس إنسان ذو عقل يعلم ذلك ثم لا يحتال لنفسه في النجاة، فعجبت من ذلك كل العجب.
ثم نظرت فاذا الانسان تشغله لذة حقيرة صغيرة غير كبيرة من الشم والذوق والنظر والسمع واللمس, لعله يصيب منها الطفيف، او يقتني منها اليسير، فإذا ذلك يشغله عن الاهتمام وطلب النجاة لها.
فالتمست للانسان مثلاً، فاذا مثله مثل رجل نجا من خوف فيل هائج الى بئر، فتدلى فيها، وتعلق بغصنين كانا في سمائها....
فوقعت رجله على شىء من طيء البئر، فاذا حيات أربع قد اخرجن رءوسهن من احجارهن، ثم نظر في قاع البئر فإذا تنين فاتح فاه، منتظر له ليقع فيأخذه، فرفع بصره الى الغصنين، فإذا في اصلهما جرذان: اسود و ابيض ، وهما دائبين في قطع الغصنين دائبين لايفتران، فبينما هو في النظر في امره والاهتمام لنفسه، إذ ابصر قريباً منه كوارة فيها عسل نحل، فذاق العسل، فشغلته حلاوته والهته لذته عن الفكرة في شيء من امره و ان يلتمس الخلاص لنفسه....
ولم يذكر ان رجليه على حيات اربع، لا يدري متى يقع عليهن، ولم يذكر ان الجرذين دائبان في قطع الغصنين، ومتى انقطعا وقع على التنين، فلم يزل لاهياً شغوفاً حتى سقط في فم التنين فهلك...
فشبهت بالبئر الدنيا المملوءة آفات وشروراً، ومخافات وعاهات،
وشبهت بالحيات الاخلاط الاربع، الدم و البلغم والصفراء و السوداء ، التي متى هاجت او احداها كانت كحمة الافاعي والسم المميت،
وشبهت بالغصنين الاجل الذي لا بد من انقطاعه,
وشبهت بالجرذين الاسود والابيض الليل والنهار هما دائبين في افناء الاجل،
وشبهت بالتنين المصير الذي لا بد منه،
وشبهت بالعسل هذه الحلاوة القليلة التي ينالها الانسان فيطعم ويسمع ويشم ويلمس ويتشاغل عن نفسه، ويلهو عن شأنه، ويصد عن سبيل قصده....
فحينئذ صار امري الى الرضا بحالي واصلاح ما استطعت اصلاحه من عملي، لعلي اصادف باقي ايامي زماناً اصيب فيه دليلاً على هداي, وسلطاناً على نفسي وقواماً لامري...
.
.
.
.
.
.
.
~انتهى~
.
.
.
.
.
.
.
برزوية المتطبب
باب برزوية ترجمة برزجمهر بن البختكان
كَلِيلَة ودِمْنَة
ثم نظرت فاذا الانسان تشغله لذة حقيرة صغيرة غير كبيرة من الشم والذوق والنظر والسمع واللمس, لعله يصيب منها الطفيف، او يقتني منها اليسير، فإذا ذلك يشغله عن الاهتمام وطلب النجاة لها.
فالتمست للانسان مثلاً، فاذا مثله مثل رجل نجا من خوف فيل هائج الى بئر، فتدلى فيها، وتعلق بغصنين كانا في سمائها....
فوقعت رجله على شىء من طيء البئر، فاذا حيات أربع قد اخرجن رءوسهن من احجارهن، ثم نظر في قاع البئر فإذا تنين فاتح فاه، منتظر له ليقع فيأخذه، فرفع بصره الى الغصنين، فإذا في اصلهما جرذان: اسود و ابيض ، وهما دائبين في قطع الغصنين دائبين لايفتران، فبينما هو في النظر في امره والاهتمام لنفسه، إذ ابصر قريباً منه كوارة فيها عسل نحل، فذاق العسل، فشغلته حلاوته والهته لذته عن الفكرة في شيء من امره و ان يلتمس الخلاص لنفسه....
ولم يذكر ان رجليه على حيات اربع، لا يدري متى يقع عليهن، ولم يذكر ان الجرذين دائبان في قطع الغصنين، ومتى انقطعا وقع على التنين، فلم يزل لاهياً شغوفاً حتى سقط في فم التنين فهلك...
فشبهت بالبئر الدنيا المملوءة آفات وشروراً، ومخافات وعاهات،
وشبهت بالحيات الاخلاط الاربع، الدم و البلغم والصفراء و السوداء ، التي متى هاجت او احداها كانت كحمة الافاعي والسم المميت،
وشبهت بالغصنين الاجل الذي لا بد من انقطاعه,
وشبهت بالجرذين الاسود والابيض الليل والنهار هما دائبين في افناء الاجل،
وشبهت بالتنين المصير الذي لا بد منه،
وشبهت بالعسل هذه الحلاوة القليلة التي ينالها الانسان فيطعم ويسمع ويشم ويلمس ويتشاغل عن نفسه، ويلهو عن شأنه، ويصد عن سبيل قصده....
فحينئذ صار امري الى الرضا بحالي واصلاح ما استطعت اصلاحه من عملي، لعلي اصادف باقي ايامي زماناً اصيب فيه دليلاً على هداي, وسلطاناً على نفسي وقواماً لامري...
.
.
.
.
.
.
.
~انتهى~
.
.
.
.
.
.
.
برزوية المتطبب
باب برزوية ترجمة برزجمهر بن البختكان
كَلِيلَة ودِمْنَة
- HoNaمراقب عام
- المزاج :
المهنة :
الجنس :
عدد المشاركات : 280
تاريخ التسجيل : 28/10/2009
العمر : 26
رد: فالتمست للانسان مثلا!!!!
الخميس أكتوبر 29, 2009 8:49 pm
شكرا جزيلا رووعة
- تائه عشط النسيانالقلب الحزين
- الجنس :
عدد المشاركات : 50
تاريخ التسجيل : 06/11/2009
العمر : 30
رد: فالتمست للانسان مثلا!!!!
السبت نوفمبر 07, 2009 1:58 am
بارك الله فيك
تقبل فائق احترامي وتقديري
تقبل فائق احترامي وتقديري
- وداعتك روحي لا تضيعهامشرفة
- الجنس :
عدد المشاركات : 86
تاريخ التسجيل : 10/11/2009
رد: فالتمست للانسان مثلا!!!!
الثلاثاء نوفمبر 17, 2009 6:18 am
يسلموو ماستر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى